إلى المتناقضين غير معقول.
ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدسسره أفاد في وجه استمراريّة التخيير ـ بعد ما اختار كون التخيير تخييرا في المسألة الأصوليّة ـ وجهين :
أحدهما : إطلاق أخبار التخيير ، لعدم التقييد فيها بالزمان الأوّل ، فمقتضاه ثبوت التخيير في جميع الأزمنة.
وثانيهما : استصحاب التخيير الثابت في الزمان الأوّل (١).
ولا يرجع شيء منهما إلى محصّل.
أمّا الاستصحاب : فلأنّه لو كان هناك استصحاب فهو استصحاب حجّيّة ما اختاره وصار باختياره حجّة فعليّة ، واستصحاب التخيير لازمه العقلي هو إلغاء حجّيّة الآخر.
وأمّا الإطلاق : فهو مفقود في المقام ، فإنّ خطاب «خذ بأيّهما شئت» مثلا خطاب بغير الآخذ بأحد الخبرين ، وبعد الأخذ بأحدهما يرتفع الموضوع.
وتوهّم أنّه بالنسبة إلى الزمان الثاني غير آخذ فاسد ، فإنّ ما دلّ أحد الخبرين على وجوبه ، والآخر على إباحته إمّا واجب في جميع الأزمنة أو مباح كذلك ، ومعنى الأخذ بأحد الخبرين هو الأخذ بالوجوب في جميع الأزمنة أو الإباحة كذلك.
هذا ، مضافا إلى أنّ ظاهر ما علّق الحكم فيه على مجيء الخبرين هو التخيير البدوي ، فإنّ مجيء الخبرين ليس له تعدّد ، بل هما جاءا مرّة واحدة ، وبعد الأخذ بأحدهما ليس للخبرين مجيء آخر حتى يحكم بالتخيير.
ثمّ إنّه فاتنا من بحث الترجيح شيء ينبغي استدراكه ، وهو أنّهم ـ أي
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥٠٨.