الجزئية كطهارة الثوب ونجاسته ، وعدم جريانه في الأحكام الكلّيّة التي نشأ الشكّ فيها من الشكّ في سعة دائرة الجعل وضيقها كنجاسة الماء المتغيّر ، بعد زوال تغيّره من قبل نفسه.
وتوضيح ذلك : أنّه قد مرّ غير مرّة أنّ للحكم مرحلتين :
الأولى : مرحلة الجعل. وفي هذه المرحلة يوجد الحكم بعد ما لم يكن موجودا ، ويجعل ـ مثلا ـ وجوب الحجّ على المكلّف المستطيع الّذي لوحظ مفروض الوجود ، فيقال : إنّه جعل وجوب الحجّ في الشريعة المقدّسة.
والثانية : مرحلة المجعول. وهذه المرحلة مرحلة انقلاب موضوع الحكم ـ وهو المكلّف المستطيع في المثال ـ من عالم الفرض والتقدير إلى عالم الواقع والتحقيق ، فإذا وجد في الخارج مستطيع جامع لجميع شرائط الوجوب ، يقال : إنّ الحجّ وجب عليه ، وجعل على عهدته ، فهو مجعول في حقّه ، ونحن نسمّيهما بالاعتبار والمعتبر ـ وقد ذكرنا هناك أنّه ليس من باب الإيجاد والوجود ، وأنّه نظير الإيصاء بملكيّة زيد لشيء بعد الموت ، فلا مانع من تأخّر المعتبر عن الاعتبار ـ وإن شئت ، فسمّهما بالجعل والمجعول ، والإنشاء والفعليّة ، ولا مناقشة في الاصطلاح.
وبعد ذلك نقول : إذا شككنا في بقاء اعتبار الشارع لحلّيّة البيع مثلا بعد ما اعتبرها يقينا ، يصدق نقض اليقين بالشكّ ، فيجري الاستصحاب ، ونحكم ببقاء اعتبار حلّيّة البيع ، وليس منشأ الشكّ في بقاء الجعل والاعتبار على ما هو عليه من سعته وضيقه إلّا الشكّ في النسخ وعدمه ، فهذا الاستصحاب عبارة أخرى عن استصحاب عدم النسخ.
وإذا تحقّق في الخارج بيع ، وانتقل العوضان من كلّ من المتبايعين إلى الآخر ، ثمّ شككنا في بقاء هذا المعتبر ـ وهو الملكيّة التي اعتبرها الشارع لهما