بسبب البيع ـ وعدمه ، نستصحب بقاءه ، وهذا هو استصحاب المجعول والمعتبر ، ونحن نسمّيه باستصحاب الحكم الفعلي ، وهكذا استصحاب بقاء نجاسة الثوب ، وبقاء الوضوء ، ومنشأ الشكّ في هذه الأحكام ليس إلّا الأمور الخارجيّة ، وإلّا فالحكم من الحلّيّة أو الطهارة ـ أي الوضوء ـ أو نجاسة ملاقي النجس لا شكّ في جعله في الشريعة ، والشكّ في هذين القسمين ليس في سعة الحكم وضيقه ، بل الحكم على ما هو عليه من السعة والضيق معلوم الحدوث ، وإنّما الشكّ في بقائه من جهة النسخ أو من جهة أمور خارجيّة.
وإذا شككنا في بقاء الحكم الشرعي من جهة الشكّ في سعة دائرة الجعل وضيقها كما إذا شكّ في بقاء نجاسة الماء المتغيّر ، بعد زوال تغيّره ، فإنّ منشأ الشكّ هو أنّ حكم النجاسة هل هو حكم وسيع يشمل حال ثبوت التغيّر للماء وحال زواله أو أنّه حكم ضيق متعلّق بالماء المتغيّر ما دام متغيّرا دون ما إذا زال تغيّره؟ وفي هذا القسم ـ كما أفاده الفاضل النراقي (١) ـ لا يجري الاستصحاب ، لا من جهة عدم شمول دليله له ، بل من جهة المعارضة بين استصحاب عدم الجعل ، واستصحاب المجعول ، فإنّ عندنا يقينين وشكّين : يقينا متعلّقا بنجاسة هذا الماء الشخصي حال تغيّره ، ونشكّ في بقائه ، فيشمله «لا تنقض اليقين بالشكّ» ويقينا آخر متعلّقا بعدم جعل هذا الحكم في زمان ، إذ نقطع بأنّ الماء المتغيّر لم يكن محكوما بحكم النجاسة في زمان لا حال تغيّره ولا حال زوال تغيّره ، فصار محكوما بالنجاسة حال تغيّره ، وجعلت له النجاسة في هذا الحال قطعا ، ونشكّ في أنّه هل حكم بالنجاسة وجعل له هذا الحكم بعد زوال تغيّره أيضا أم لا؟ مقتضى «لا تنقض اليقين بالشكّ» أنّه لم تجعل له النجاسة في
__________________
(١) مناهج الأصول : ٢٤١ ـ ٢٤٢.