البحث في أنّه هل يمكن أن يوجد أحد يكون قادرا على استنباط مسائل باب من أبواب الفقه ، كباب الطهارة مثلا دون مسائل سائر الأبواب ، أو لا؟ ومن الواضح إمكان ذلك ، فإنّ القدرة على الاستنباط في كلّ مسألة مغايرة لها في أخرى ، فإذا فرض شخص لا يعرف اللغة وليس له اطّلاع في النقليّات أصلا لكنّه طويل الباع وكثير الاطّلاع في العقليّات ولمهارته فيها استنبط مسائل اجتماع الأمر والنهي ومقدّمة الواجب واقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضدّ والترتّب وغير ذلك من المسائل العقليّة غير المربوطة بمعرفة اللغات والروايات ، فهو مجتهد في هذه المسائل دون غيرها.
ومن ذلك ظهر الجواب عمّا في الكفاية ، فإنّ الطفرة وإن كانت مستحيلة كما قرّر في محلّه إلّا أنّها غير متصوّرة في مثل المقام الّذي لا ترتّب بين المسائل ، لتغاير كلّ قدرة مع قدرة أخرى متعلّقة باستنباط مسألة أخرى ، فمن الممكن حصول القدرة على استنباط مسألتين معا ، كما يمكن حصول القدرة على استنباط إحداهما دون أخرى أو قبل حصولها على استنباط المسألة الثانية.
وبالجملة ، حيث لا ترتّب بين المسائل فلا تتصوّر فيه الطفرة ، فإنّها مختصّة بما يكون متدرّجا في الوجود ولا يعقل وجوده دفعة واحدة ، كالمشي في المكانين.
نعم ، الاستنباط الخارجي لا محالة يكون متدرّجا في الوجود ، ولا يعقل استنباط جميع المسائل دفعة واحدة ، وهذا بخلاف الملكة والقدرة على استنباط جميع المسائل ، حيث لا محذور في حصولها دفعة واحدة أصلا.
الموضع الثاني : في أنّه هل يحرم على المتجزّي تقليده الغير فيما استنبطه من الأحكام أو لا؟ ولا ريب في حرمة ذلك ، فإنّ رجوعه إلى غير مع علمه بخطئه من رجوع العالم إلى الجاهل ورجوع البصير إلى الأعمي ، وكيف