فصل :
يتوقّف الاجتهاد على معرفة اللغة والصرف والنحو بمقدار يتوقّف فهم معنى الروايات وآيات الأحكام عليه ، ولا يلزم أزيد من ذلك ، كمعرفة الفرق بين الحال والتميز والبدل وعطف البيان وغير ذلك ممّا لا يوجب الجهل بها الجهل بمعنى الكلام ، وعلى معرفة علم الرّجال في الجملة لمعرفة الرّواة وتميز ثقاتهم عن غيرهم ولكنّ الاحتياج إليه قليل جدّاً ، لما قرّر في محلّه من كفاية كون الرواية موثوقا بها بأن تكون معمولا بها عند الأصحاب ، فإذا كانت كذلك ، تكون حجّة ولو كان رواتها مجهولي الحال بل معلومي القدح ، وعدم حجّيّة الرواية التي أعرض عنها الأصحاب ولو كان جميع رواتها معدّلين بعدلين ، فإذا لا ينظر إلى حال الرّواة مع عمل الأصحاب أو إعراضهم ، بل يعمل بها أو تطرح.
فالاحتياج إلى علم الرّجال إنّما يختصّ بما إذا لم يثبت أحد الأمرين لا العمل ولا الإعراض بأن كان الفرع غير معنون في كلام الأصحاب ووردت فيه رواية ، أو كان معنونا ولكنّ الرواية الواردة فيه لم تكن موجودة في المجاميع ، فحينئذ لا بدّ من إحراز وثاقة رواة الرواية بالرجوع إلى علم الرّجال ، ومن المعلوم أنّه في غاية الندرة.
نعم ، لو قلنا بمقالة صاحب المدارك من اختصاص حجّيّة الروايات بما إذا كان جميع رواتها معدّلين بعدلين ، لكان الاحتياج إلى علم الرّجال كثيرا جدّاً.
وهكذا لا بدّ من معرفة علم الأصول من مباحث الألفاظ ومباحث الحجج والأصول العمليّة والتعادل والتراجيح ، وهي العمدة في مقام الاستنباط ، ولا بدّ من معرفة ذلك بالاجتهاد لا تقليدا عن الشيخ قدسسره أو غيره من علماء الأصول ،