فصل :
في التقليد. وقد عرّف بتعاريف :
منها : ما في الكفاية من أنّه أخذ قول الغير للعمل به في الفرعيّات أو للالتزام به في الاعتقاديّات تعبّدا (١).
ومنها : ما هو أوسع من الأوّل ، وهو أنّه مجرّد الالتزام بالعمل بقول الغير ـ ولو لا يعلمه تفصيلا ـ فإذا التزم بالعمل على طبق رسالة مجتهد ، فهو تقليد ولو لم يتعلّم فتوى من فتاواه.
ومنها : أنّه هو نفس العمل على طبق رأي الغير ، وجعل الغير مسئولا في هذا العمل.
والصحيح هو الأخير ، وهو المناسب لمعناه اللغوي والعرفي الدارج فعلا ، يقال : «قلّد السيف زيدا» إذا جعله قلادة عليه. ومعنى التقليد في العمل جعل العمل على رقبة من يقلّده وعلى عهدته كالقلادة ، فقد استعير لفظ القلادة للعمل كما أنّ تقليد الدعاء والزيارة ، الّذي هو مستعمل في اللسان الدارج المتعارف فعلا فيقال : «قلّدتك الدعاء والزيارة» معناه جعلت الدعاء والزيارة على عهدتك ورقبتك ، فادع لي وزر. والمستفاد من بعض الروايات أيضا هو هذا المعنى ، كما دلّ على أنّ «على المفتي وزر من عمل بفتياه» (٢) وما ورد حينما سأل من استفتى أحدا في مسألة فأفتى بفتيا ثلاث مرّات : «على رقبتك؟»
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥٣٩.
(٢) الكافي ٧ : ٤٠٩ ـ ٢ ، الوسائل ٢٧ : ٢٠ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.