فلم يجبه المفتي ، من أنّه : «نعم على رقبته قال نعم أو لم يقل» (١).
وبالجملة ، المعنى الأخير هو الموافق للّغة والعرف والروايات.
وأمّا ما في الكفاية (٢) من أنّه لو كان التقليد عبارة عن نفس العمل ، للزم أن يكون العمل غير مسبوق بالتقليد فمن غرائب الكلام ، إذ لم ترد آية ولا رواية على وجوب التقليد قبل العمل حتى يعدّ عدم مسبوقيّته به محذورا من المحاذير.
والّذي يسهّل الخطب أنّ هذا النزاع ليس له أثر عملي أصلا ، إذ ليس التقليد بهذا اللفظ موضوعا لحكم من الأحكام في الأدلّة وإن وقع بهذا اللفظ متعلّقا للحكم في قوله عليهالسلام في بعض الروايات : «فللعوامّ أن يقلّدوه» (٣).
ثمّ إنّ جواز التقليد ـ المساوق للوجوب التعييني في بعض الموارد كمورد لا يتمكّن فيه المكلّف من الاجتهاد ولا من العمل بالاحتياط ، لعدم معرفته بموارده ، أو لعدم كون المورد قابلا له ، والمساوق للوجوب التخييري بينه وبين أخويه أو بينه وبين أحد أخويه فيما إذا تمكّن من الاجتهاد والعمل بالاحتياط معا أو تمكّن من أحدهما فقط ـ ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه ، لجريان السيرة القطعيّة العمليّة عليه من زمان النبي صلىاللهعليهوآله إلى زماننا هذا ، ضرورة أنّه لم يكن المسلمون بأجمعهم حاضرين عند النبي صلىاللهعليهوآله أو الأئمّة سلام الله عليهم ، ولم يكن الطريق منحصرا بالسؤال عن المعصوم وبنقل الروايات عنهم سلام الله عليهم ، بل كانت سيرتهم على السؤال عن أحكام الدين عمّن تعلّم من
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤٠٩ ـ ١ ، التهذيب ٦ : ٢٢٣ ـ ٥٣٠ ، الوسائل ٢٧ : ٢٢٠ ، الباب ٧ من أبواب آداب القاضي ، الحديث ٢.
(٢) كفاية الأصول : ٥٣٩.
(٣) الاحتجاج ٢ : ٥١١ ـ ٣٣٧ ، الوسائل ٢٧ : ١٣١ ، الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.