فصل :
في وجوب تقليد الأفضل وعدمه. والكلام يقع في مقامين :
الأوّل : في وظيفة المقلّد.
والثاني : فيما يستفاد من الأدلّة.
أمّا المقام الأوّل : فلا شكّ في وجوب الرجوع إلى الأفضل ، لكونه متعيّن الحجّيّة ، بخلاف غير الأفضل ، حيث إنّه مشكوك الحجّيّة ، والشكّ في الحجّيّة مساوق لعدم الحجّيّة.
نعم ، لو استقلّ عقله بتساوي الأفضل وغيره في ذلك ، أو قلّد الأعلم في هذه المسألة وكانت فتواه جواز تقليد غير الأفضل ، لصحّ الرجوع إلى غير الأفضل في سائر المسائل.
وقد استشكل في العروة (١) في الرجوع إلى غير الأفضل حتى فيما إذا أفتى الأفضل بجوازه إلّا إذا استقلّ عقله بالتساوي.
ولا وجه للإشكال ، فإنّه في الحقيقة تقليد عن الأفضل.
وأمّا إذا أفتى الأفضل بعدم جواز تقليد المفضول وأفتى المفضول بجواز ذلك ، فلا يصحّ الرجوع إلى المفضول في ذلك ، فإنّ حجّيّة قوله هذا متوقّفة على جواز تقليده وعدم وجوب تقليد الأعلم ، وهو متوقّف على حجّيّة قوله وعدم وجوب تقليد الأفضل ، وهو دور واضح.
وأمّا المقام الثاني : ففيه موضعان :
__________________
(١) العروة الوثقى ، المسألة ٤٦ من أحكام التقليد والاجتهاد.