فصل :
اختلفوا في اشتراط الحياة في المفتي على أقوال عمدتها ثلاث : الاشتراط مطلقا ، وعدم الاشتراط مطلقا ، والتفصيل بين التقليد الابتدائي فيشترط والاستمراري فلا يشترط.
واستدلّ القائل بعدم الاشتراط بالاستصحاب بتقريب أنّه كان في زمان حياته جائز التقليد قطعا وكان رأيه حجّة ، وبموته يشكّ في جواز بقائه ، لاحتمال اشتراط الحياة في ذلك فالآن كما كان.
وهذا الاستصحاب لا إشكال فيه من حيث اليقين السابق ، لأنّ الحجّيّة بأيّ معنى كانت ـ سواء كانت بمعنى المنجّزيّة والمعذّريّة ، كما بنى عليه صاحب الكفاية (١) ، أو بمعنى العلم والطريقيّة ، كما ذهب إليه شيخنا الأستاذ (٢) قدسسره ، أو كان أمرا انتزاعيّا مجعولا بتبع جعل منشأ انتزاعه كإيجاب العمل على طبق المؤدّى ، كما يستفاد من بعض كلمات الشيخ قدسسره ـ حكم شرعي مجعول بنفسه أو بتبع جعل منشأ انتزاعه كان ثابتا قبل الموت يقينا.
وتوهّم أن لا يقين بثبوته سابقا إلّا بالنسبة إلى الموجودين في زمانه فاسد ، فإنّ فيه ـ مضافا إلى عدم تماميّته في التقليد الاستمراري ، وفي الابتدائي في حقّ من بلغ في زمان حياته ولم يقلّده فيه ـ : أنّ هذا الإشكال ليس إلّا إشكال استصحاب الأحكام الكلّيّة. والجواب هو الجواب. والكلام متمحّض فعلا في الإشكال من حيث احتمال اشتراط الحياة في المفتي مع الفراغ عن سائر
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٩.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٧٥.