أنّ الشكّ في استصحاب عدم الوجوب غير متّصل باليقين ، ضرورة أنّه لا يعتبر اتّصال الشكّ باليقين في الاستصحاب ، ولذا نستصحب العدالة المتيقّنة بعد أن نمنا ، بل المعتبر اتّصال المشكوك بالمتيقّن.
فالصحيح هو ما أفاده النراقي قدسسره من ثبوت التعارض بين الاستصحابين في أمثال المقام.
وأوضح من ذلك : ما إذا كان الحكم المشكوك في سعة دائرته وضيقها انحلاليّا ، كحرمة الوطء ، فإنّ كلّ فرد من أفراد الوطء في الخارج له إطاعة وعصيان ، فإذا علمنا بحرمة أفراد الوطء ، التي تتحقّق في زمان الحيض ، وشككنا في حرمة الأفراد المتحقّقة بعد النقاء قبل الاغتسال من جهة تردّد (يَطْهُرْنَ) بين قراءته بالتشديد وقراءته بالتخفيف ، فتعارض استصحاب عدم جعل الحرمة لهذه الأفراد المشكوكة من الوطء مع استصحاب حرمة الوطء ، المتيقّنة قبل النقاء واضح ، إذ ليس التكليف هنا تكليفا واحدا حتى يتوهّم أنّه لا مجال لاستصحاب عدم الجعل.
هذا ، وقد ذكر وتوهّم عدم معارضة الاستصحابين لأمور :
الأوّل : أنّ استصحاب عدم جعل النجاسة لهذا الماء مثلا في مرتبته معارض باستصحاب عدم جعل الطهارة له أيضا ، فيبقى استصحاب الحكم الفعلي الّذي هو النجاسة الثابتة قبل زوال التغيّر بلا معارض.
وفيه أوّلا : أنّ استصحاب عدم جعل الطهارة لا يجري حتى يعارض استصحاب عدم جعل النجاسة ، فإنّ مقتضى أدلّة البراءة ـ من قوله : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (١) وقوله : «لا يكلّف الله نفسا إلّا ما
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٤ ـ ٣ ، التوحيد : ٤١٣ ـ ٩ ، الوسائل ٢٧ : ١٦٣ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣.