له ، فيقع التعارض بينهما ، فلا يجري شيء منهما. وهذا واضح لا سترة عليه.
بقي في المقام توهّم بارد نتعرّض له تبعا لشيخنا الأستاذ ـ وإن لم يقبله لذلك ـ وهو : أنّ غاية ما يدلّ عليه «لا تنقض اليقين بالشكّ» هو سلب العموم وأنّ مجموع أفراد اليقين لا ينقض بالشكّ ، لا عموم السلب وأنّ شيئا من أفراد اليقين لا يجوز نقضه بالشكّ كما هو المدّعى (١).
وفيه ـ مضافا إلى ظهور كلّ عامّ في العموم الاستغراقي لا المجموعي كما مرّ في بحث العامّ والخاصّ ـ أنّه إنّما يتمّ لو ورد السلب على العموم ، كما في «ليس كلّ رجل بعادل» لا فيما يستفاد العموم من السلب ، كما في المقام ، فإنّ العموم يستفاد من وقوع الجنس في سياق النفي أو النهي ، وليس «اليقين» عامّا ورد عليه النفي أو النهي حتى يكون سلبا للعموم.
هذا ، مع أنّه لا ينطبق على مورد الرواية ، إذ لا يصحّ الجواب عن قول زرارة : «فإن حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم» بقوله عليهالسلام : «لا ، حتى يستيقن أنّه قد نام حتى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فإنّه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ» (٢) ضرورة أنّ المنهي حينئذ هو نقض مجموع أفراد اليقين بالشكّ ، فلزرارة أن يقول : أنا أنقض هذا اليقين ولا أنقض يقينا آخر إن شاء الله. هذا كلّه في الصحيحة الأولى لزرارة.
أمّا صحيحته الثانية : فهي أنّه قال : قلت له : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من المني (٣) ، إلى آخرها.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٦٠ ـ ٣٦١.
(٢) التهذيب ١ : ٨ ـ ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١.
(٣) التهذيب ١ : ٤٢١ ـ ١٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ ـ ٦٤١ ، الوسائل ٣ : ٤٨٢ ـ ٤٨٣ ، الباب ٤٤ من أبواب النجاسات ، الحديث ١.