الحكم الواقعي ـ وهو لزوم الإتيان بركعة مفصولة ـ متقوّم بأمرين : أحدهما : كون المصلّي شاكّا ، والآخر : كونه غير آت بالرابعة ، والأوّل موجود ومحرز بالوجدان ، إذ المفروض أنّه شاكّ ، والثاني يحرزه بالاستصحاب ، فبه يتمّ موضوع هذا الحكم الواقعي ، فأيّ منافاة بين الاستصحاب وما استقرّ عليه المذهب من لزوم الإتيان مفصولة؟
هذا ، مضافا إلى أنّ في الرواية أيضا إشعارا بذلك ، فإنّ قوله عليهالسلام : «قام فأضاف إليها أخرى» بقرينة صدره ـ وهو قوله : قلت له : من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين وقد أحرز الثنتين؟ قال : «يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد» (١) إلى آخره ـ الآمر بإتيان الركعتين بفاتحة الكتاب مشعر بأنّ الركعة المضافة إليها هي من سنخ هاتين الركعتين اللتين أمر بإتيانهما بفاتحة الكتاب.
وهكذا قوله عليهالسلام في ذيل الرواية : «ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر» (٢) له ظهور قويّ في أنّ المراد من عدم إدخال الشكّ في اليقين وعدم خلط أحدهما بالآخر هو عدم وصل الركعة المشكوكة بالركعات المتيقّنة.
فاتّضح أنّه لا تقصر هذه الصحيحة عن الصحيحتين المتقدّمتين في الدلالة على حجّيّة الاستصحاب.
وممّا استدلّ به لحجّيّة الاستصحاب قوله عليهالسلام : في رواية موثّقة عمّار : «إذا شككت فابن علي اليقين» قلت : هذا أصل؟ قال : «نعم» (٣).
__________________
(١ و ٢) تقدّم تخريجه في ص ٥٣ ، الهامش (٣).
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٥٣ ، الهامش (٣).