وأجاب : بأنّه لا ينبغي الريب في أنّ المائع ـ الّذي لا يعلم حاله ـ شيء من الأشياء ، فإذا حكم بكونه حلالا ، لا يكون هذا الحكم إلّا ظاهريّا.
وأفاد في وجه دلالتها على الاستصحاب : أنّها بغايتها تدلّ على استمرار الحكم الواقعي أو الظاهري إلى حصول اليقين بخلافه ، فمفادها بحسب الغاية مفاد «لا تنقض اليقين بالشكّ» (١).
وأورد عليه شيخنا الأستاذ قدسسره : بأنّه لا يمكن دلالة الروايات بصدرها على بيان الحكم الواقعي والقاعدة كليهما بوجوه :
الأوّل : أنّ الحكم الثابت للعموم ك «أكرم كلّ عالم» لا يثبت لجميع أفراد العالم مأخوذة في كلّ فرد الخصوصيّة الفرديّة بحيث يكون الحكم ثابتا لزيد العالم بزيديته ولعمرو بعمريته ، وهكذا ، بل الحكم ثابت لطبيعيّ العالم ملغى عنه جميع الخصوصيّات ومرفوضا عنه جميع القيود ، ف «شيء» في «كلّ شيء نظيف» أو «حلال» وإن كان في نفسه شاملا للمشتبه أيضا إلّا أنّ الموضوع للحكم الواقعي هو الشيء مرفوضا عنه جميع القيود ، وغير ملحوظة فيه خصوصيّة من الخصوصيّات ، وهذا بخلاف الموضوع للحكم الظاهري ، فإنّه هو الشيء ملحوظا فيه كونه مشتبه الحكم ، فدلالة الرواية على الحكم الواقعي للأشياء بعناوينها الأوّليّة وعلى الحكم الظاهري لها بعنوان أنّها مشكوكة ومشتبهة الحكم متوقّفة على كون عنوان «كون الشيء مشتبه الحكم» ملحوظا وغير ملحوظ ، وهو واضح البطلان ، فالمائع المردّد بين الماء والبول بما هو مشتبه ومشكوك الحكم لا يشمله «كلّ شيء حلال» حيث إنّ ظاهره أنّه لبيان حكم الشيء بعنوانه الأوّلي ومن حيث هو ، لا بعنوان الثانوي وبما أنّه مشكوك
__________________
(١) حاشية فرائد الأصول : ١٨٥ ـ ١٨٦.