الحكم ، وإن أريد التمسّك به لإثبات حلّيّته الواقعيّة ، فهو تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة ، إذ المفروض أنّه يحتمل أن يكون بولا وداخلا في أفراد المخصّص الّذي هو الأعيان النجسة ومنها البول.
الثاني : أنّ الحكم الظاهري ، وهكذا موضوعه متأخّر عن الحكم الواقعي وموضوعه بمرتبتين ، فإنّ موضوع الحكم الظاهري هو الشكّ في الحكم الواقعي ، فهو متأخّر عن الشكّ تأخّر الحكم عن موضوعه ، والشكّ متأخّر عن الحكم الواقعي تأخّر كلّ متعلّق عن متعلّقه ، وهكذا موضوع الحكم الظاهري ـ وهو الشكّ في الحكم الواقعي ـ متأخّر عن الحكم الواقعي تأخّر المتعلّق عن متعلّقه ، والحكم الواقعي متأخّر عن موضوعه تأخّر الحكم عن موضوعه ، فكلّ من الحكم الظاهري وموضوعه متأخّر عن كلّ من الحكم الواقعي وموضوعه بمرتبتين ، وما يكون كذلك ـ أي في طول الحكم الواقعي بمرتبتين ـ كيف يمكن إنشاؤه في عرض الحكم الواقعي بكلام واحد! (١) ولعلّ هذا الإيراد مبنيّ على أنّ الإنشاء بمعنى الإيجاد ، وأنّ الحكم يوجد باللفظ ، وهو نحو من الوجود ، وقد قرّرنا في مقرّه أن ليس الإنشاء إلّا إبراز الاعتبار النفسانيّ ، فإذا اعتبر الإنسان في نفسه ملكيّة شيء لشخص ، يقول : «بعتك» وبهذا اللفظ يبرز ما اعتبره في نفسه ، كما أنّ الإخبار أيضا ليس إلّا إظهار ما في النّفس من قصد حكاية المعنى ، وليست له كاشفيّة عن الخارج أصلا لا تامّا ولا ناقصا ، بل كلّ من الإخبار والإنشاء له كاشفيّة عمّا في نفس المخبر والمنشئ من قصد الحكاية في الأوّل ، واعتبار الملكيّة أو غيرها من الأمور الاعتباريّة في الثاني ، وهذه المرحلة مرحلة الدلالة والكاشفيّة في الإخبار
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٧٤ ـ ٣٧٥.