والإنشاء ، ولا يحتمل الصدق والكذب في شيء منهما ، واحتمال الصدق والكذب ناش من احتمال مطابقة قصد المخبر للواقع وعدمه في الإخبار دون الإنشاء.
وعلى ذلك فيمكن للمولى أن يعتبر أوّلا طهارة الماء بعنوانه الأوّلي ، ثمّ يعتبر طهارة ما يشكّ في كونه ماء أو غيره ، ثمّ يبرز هذين الاعتبارين الطوليّين بمبرز واحد.
الثالث : أنّ «كلّ شيء لك حلال» أو «طاهر» إن كان لبيان الحكم الواقعي ، فلا يمكن أن يكون العلم غاية له إلّا بما هو طريق إلى ما هو غاية حقيقة بأن يكون المراد من قوله : «حتى تعلم أنّه قذر» حتى يلاقي البول أو ينقلب إلى عنوان نجس أو غير ذلك.
وإن كان لبيان الحكم الظاهري ، فالعلم بما هو وباللحاظ الاستقلالي غاية ، ولا يمكن الجمع بين اللحاظين في استعمال واحد (١).
وهذا الإشكال أيضا غير تامّ ، فإنّ صاحب الكفاية قدسسره لم يجعل «حتى تعلم» غاية للحكم الواقعي ولا للحكم الظاهري ، بل جعله غاية لاستمرار الحكم ، ويدّعي أنّ قوله : «حتى تعلم» يدلّ على أنّ الحكم الثابت في الشريعة ـ واقعيّا كان أو ظاهريّا ـ مستمرّ إلى حصول العلم بطروّ ضدّه ، فالعمدة هي الإشكال الأوّل ، وإلّا فمع قطع النّظر عنه لا يرد عليه شيء.
بقي الكلام فيما أفاده في الكفاية من دلالة الروايات بصدرها على الحكم الواقعي ، وبذيلها على الاستصحاب (٢).
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٧٥.
(٢) كفاية الأصول : ٤٥٢ ـ ٤٥٣.