فصل :
في الاستصحاب
وقبل الورود في البحث عنه ينبغي التكلّم في جهات :
الأولى : في تعريفه ، وقد عرّف بتعاريف عديدة :
قال الشيخ قدسسره : أسدّها وأخصرها هو : إبقاء ما كان (١).
وعرّفه صاحب الكفاية بأنّه هو : الحكم ببقاء حكم أو موضوع متيقّن الحدوث في السابق ، مشكوك البقاء في اللاحق. وادّعى أنّ كلّ التعاريف يشير إلى هذا المعنى الواحد والمفهوم الفارد (٢).
والتحقيق : أنّه لا يمكن أن يعرّف الاستصحاب بتعريف ينطبق على جميع الأقوال ، فإنّه لو كان من الأمارات ـ كما ذهب إليه المتقدّمون من الأصوليّين ـ لا يصحّ تعريفه بأنّه الحكم بالبقاء ، ضرورة أنّه على ذلك كاشف عن الحكم الشرعي من حيث إفادته للظنّ نوعا أو شخصا ، وحكم الشارع ببقاء ما كان مدلول للاستصحاب ، ومنكشف بهذا الكاشف ، لا أنّه نفس الاستصحاب ، فعلى هذا القول لا بدّ من تعريفه بما عرّفه بعض (٣) ـ على ما حكى الشيخ (٤) قدسسره ـ من أنّه كون حكم أو وصف يقينيّ الحصول في الآن السابق ، مشكوك البقاء في الآن اللاحق.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣١٨.
(٢) كفاية الأصول : ٤٣٥.
(٣) هو المحقّق القمّي في القوانين ٢ : ٥٣.
(٤) فرائد الأصول : ٣١٨.