فلا محالة ينتج القياس نتيجة ظنّيّة أو مشكوكة ، فمشكوكيّة النتيجة ناشئة من مشكوكيّة إحدى المقدّمتين ، وفي المقام صغرى القياس ـ وهي تحقّق الفسخ أو خروج الرطوبة ـ قطعيّة ، وأمّا الكبرى ـ وهي رافعيّة الفسخ أو الرطوبة ـ مشكوكة ، فالنتيجة أيضا ـ وهي انفساخ العقد وارتفاع الطهارة ـ مشكوكة ، والشكّ فيها مسبّب عن الشكّ في كبرى القياس ، والنقض إنّما يكون بهذا الشكّ الحاصل من ضمّ صغرى قطعيّة إلى كبرى مشكوكة.
ثمّ من التفصيلات التفصيل بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة ، وينبغي التكلّم أوّلا في أنّ الحكم الوضعي هل هو مجعول مستقلّ حتى يمكن استصحابه مستقلّا ، أو تابع ومنتزع عن حكم تكليفي حتى يحتاج استصحابه إلى وجود أثر له؟
وتوضيح الكلام يقتضي تقديم أمور :
الأوّل : أنّ الحكم ـ كما مرّ مرارا ـ ليست حقيقته إلّا الاعتبار ممّن بيده الاعتبار ، فإن كان متعلّق هذا الاعتبار جعل الفعل على ذمّة المكلّف ، الّذي هو الوجوب ، أو جعل المكلّف محروما عن الفعل ، الّذي هو الحرمة ، أو جعله مطلق العنان ، الّذي هو الإباحة ، فالحكم تكليفي ، وإلّا فوضعي ، كاعتبار كون شخص محيطا بشيء ومسلّطا عليه ومالكا له.
ولا شغل لنا في تحقيق أنّ الملكيّة من مقولة الإضافة أو بمعنى الجدة ، وهذه أمور اعتباريّة تتحقّق في عالم الاعتبار في مقابل تحقّقها خارجا.
الثاني : أنّ الوجودات الخارجيّة الموجودة في عالم الأعيان كما أنّها على قسمين : متأصّلة ، وهي الجواهر والأعراض بأجمعها التي يعبّر عنها بالمقولات باعتبار أنّها يقال علي الأشياء التي بحذائها ، وانتزاعيّة ، وهي ما لا يكون بحذائه في الخارج شيء يقال عليه ، بل ينتزع عن شيء آخر ، وهي كالعلّيّة المنتزعة