ولا يرد عليه ما أورده الشيخ قدسسره من أنّ هذا محقّق مورد الاستصحاب لا نفسه (١) ، وذلك لأنّ ما هو أمارة ومفيد للظنّ هو نفس هذه الحالة ، وأركان الأمارة شاملة لنفس الظنّ أيضا ، فإنّ أماريّة الخبر ـ مثلا ـ من حيث إفادته الظنّ ، فكون نفس الظنّ أمارة أولى ، فلا بدّ من تعريفه بنحو يشمله أيضا.
ولو كان من الأصول ـ كما هو الصحيح ـ فتعريفه بأنّه الحكم ببقاء اليقين السابق عملا حين الشكّ تعبّدا هو الصحيح على ما يستفاد من روايات الباب ، وأمّا الحكم ببقاء المتيقّن فليس منه أثر في الروايات ، فكما أنّ الشارع تعبّد كثير الشكّ بعدم كونه شاكّا مع كونه شاكّا وجدانا ، فيجب عليه أن يعمل عمل المتيقّن ، كذلك تعبّد في المقام ببقاء اليقين ، وعدم انتقاضه بالشكّ ، فمع كونه شاكّا وجدانا حكم الشارع ببقاء يقينه تعبّدا ، فيجب عليه أن يعمل على يقينه.
الجهة الثانية : في أنّ البحث عن حجّيّته مسألة أصوليّة أم لا (١)؟
والميزان في المسألة الأصوليّة ـ كما مرّ غير مرّة ـ هو أن يستنبط منها حكم
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣١٨.
(٢) ظاهر هذا الكلام والمستفاد من كلمات الأعاظم هو كون البحث عن حجّيّة الاستصحاب مسألة أصوليّة إن ثبتت حجّيّته مطلقا ، أي سواء كان في الأحكام أم في الموضوعات ، وكونه مسألة فقهيّة إن ثبتت حجّيّته في الأخير فقط ، هذا هو المستفاد من الكلمات.
ولكنّه غير صحيح ، لأنّ نتيجة البحث لا تؤثّر في حقيقته وتصييره أصوليّة أو فقهيّة ، كما أنّ البحث عن حجّيّة خبر الواحد مسألة أصوليّة ولو كانت النتيجة هي عدم حجّيّته. وكذا سائر المسائل.
فالبحث عن حجّيّة الاستصحاب مسألة أصوليّة ولو كانت النتيجة هي حجّيّته في الموضوعات فقط ، وكون قاعدة واحدة أصوليّة وفقهيّة باعتبارين لا يوجب كون البحث كذلك ، فإنّ البحث عامّ ومسألة أصوليّة مطلقا ولو كانت الحجّيّة مختصّة بقسم خاصّ من الاستصحاب ، فلا مجال للقول بأنّ «البحث عن حجّيّته» أيّ شيء؟
وبعبارة أخرى : إنّ البحث عن كون الاستصحاب باعتبارين مسألة أصوليّة أو قاعدة فقهيّة أو مسألة أصوليّة وفقهيّة معا نفسه مسألة أصوليّة. (م).