ومشروع ، ومعنى كونه عزيمة أنّه غير مشروع ، ولا بدّ من تركه ، وأين هذا من الحكم الوضعي؟
ثمّ إنّ مثل الصلاة والصوم والحجّ وغير ذلك من المركّبات الاعتباريّة التي سمّاها الشهيد قدسسره بالماهيّات المخترعة الجعليّة (١) ، وتبعه غيره ، واختاره شيخنا الأستاذ (٢) قدسسره أيضا ، نظرا إلى أنّها مجعولة للشارع.
والتحقيق أنّها غير مجعولة ، فإنّ ماهيّة الصلاة مثلا مركّبة من الأمور المتباينة والماهيّات المختلفة حقيقتها ، كالقراءة والركوع والسجود وغير ذلك ، والشارع باعتبار ترتّب مصلحة واحدة وغرض ملزم واحد على هذه الأمور لاحظها في مقام التصوّر أمرا واحدا ، ففي مرحلة التصوّر لم تنلها يد الجعل تشريعا ، بل أوجدها وجعلها في النّفس تكوينا ، فإنّ تصوّر كلّ ماهيّة من الماهيّات جعل تكوينيّ لها في عالم النّفس ، وإيجاد لها فيه ، وهكذا في مرحلة إدراك أنّ هذه الأمور المتباينة يترتّب عليها غرض ملزم واحد ومصلحة واحدة ، فإنّ هذا الإدراك أيضا أمر واقعي غير قابل للجعل ، وبعد ما رأى هذه الأمور شيئا واحدا باعتبار ترتّب غرض واحد يجعلها في ذمّة المكلّف ، ويعتبر كونها في عهدته ورقبته ، وهذا الجعل عين جعل الوجوب لها ، فليس وراء جعل الحكم في هذه الماهيّات أمر آخر يكون مجعولا شرعيّا.
ثمّ إنّ شيخنا الأستاذ قدسسره ذهب إلى أنّ الحكم الوضعي لا بدّ وأن يكون مجعولا بنحو القضيّة الحقيقيّة ، كقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)(٣) أمّا المجعول بنحو القضيّة الشخصيّة ك «جعلت زيدا
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ١٥٨.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٨٢ و ٣٨٣.
(٣) الأنفال : ٧٥.