من التفصيل.
وينبغي التنبيه على أمور :
الأوّل : قد تقدّم الفرق بين القواعد الثلاث : قاعدة الاستصحاب ، وقاعدة اليقين ، وقاعدة المقتضي والمانع ، وأنّ قوام الاستصحاب باتّحاد زماني الشكّ واليقين بمعنى أنّه لا بدّ من زمان يكون المكلّف فيه شاكّا ومتيقّنا حتى يمكنه أن يمضي على يقينه ، ولا يرفع اليد عنه لشكّه ، فكلّما كان للمكلّف في زمان واحد يقين وشكّ متّحدان في المتعلّق ذاتا دون زمانا ، يجري الاستصحاب ، سواء كان اليقين سابقا على الشكّ حدوثا أو مقارنا أو متأخّرا ، وسواء كان اليقين متعلّقا بوجود شيء سابقا والشكّ متعلّقا ببقائه إلى الآن أو كان اليقين متعلّقا بشيء كحياة زيد ـ مثلا ـ فعلا وشكّ في أنّه باق إلى غد أم لا ، وذلك من جهة إطلاق أدلّة الاستصحاب ، ولم نر أحدا تعرّض لذلك.
نعم ، نسب شيخنا الأستاذ قدسسره في بحث المقدّمات المفوّتة لمناسبة إنكار هذا الاستصحاب إلى صاحب الجواهر (١).
وكيف كان فلا إشكال في شمول الروايات لذلك أيضا إذا كان للمستصحب أثر فعلا ، لا ما لا يكون له أثر ، فإنّه لا يجري الاستصحاب من جهة اللغويّة ، وتترتّب على ذلك فروع كثيرة في الفقه :
منها : مسألة جواز البدار لذوي الأعذار ، فيكون البدار على هذا على القاعدة ، فمن يكون عاجزا عن الصلاة قائما عند الزوال ، يستصحب عجزه إلى الغروب ، فيفرض نفسه متيقّنا بالعجز إلى الغروب ، ويعمل عمل المتيقّن ، ولو لا ذلك لكان البدار تشريعا ، لعدم جواز الصلاة قاعدا لمن لم يحرز عجزه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٨.