الواقع ، نظير التبيّن في قوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ)(١) فقوله عليهالسلام : «اليقين لا ينقض» أو «لا يدفع بالشكّ» (٢) عبارة أخرى عن أنّ ما ثبت يدوم ، كما أنّ الآية عبارة أخرى عن «حتى يطلع الفجر» (٣). هذا حاصل ما أفاده بتوضيح منّا.
والظاهر أنّه لا يمكن تتميمه وإصلاحه ، إذ يرد عليه : أوّلا : أنّه مخالف لظواهر الأخبار ، فإنّ ظاهر «اليقين لا ينقض» أو «لا يدفع بالشكّ» أنّه لا ترفع اليد عن اليقين الّذي هو أمر مبرم من حيث الجري العملي بواسطة الشكّ الّذي هو أمر غير مبرم ، وبذلك صحّ هو قدسسره عناية إسناد النقض إلى اليقين ، والقول بأنّ معناه أنّ ما ثبت يدوم ، إلغاء لليقين والشكّ بالمرّة.
وثانيا : إن كان المراد جعل الملازمة الظاهريّة ـ كما هو ظاهر كلامه قدسسره ـ بمعنى أنّ الشارع جعل المنجّز للحدوث منجّزا للبقاء ، فلازمه جريان الاستصحاب فيما إذا تنجّزت نجاسة أحد الشيئين بالعلم الإجمالي ، وانحلّ بالعلم التفصيليّ بنجاسة أحدهما المعيّن ، إذ الطرف الآخر كان له منجّز حدوثا ، فتستصحب نجاسته المنجّزة على تقدير ثبوتها ، بل لازمه أن لا يكون إشكال بعض المحدّثين ـ من عدم جريان أصل البراءة في الشبهات الحكميّة ، للعلم الإجمالي بوجود تكاليف يحتمل أن يكون المشتبه أحدها ـ قابلا للدفع ، إذ دفع الإشكال بالانحلال بالظفر بمقدار المعلوم بالإجمال ليس له مجال بعد ما كان لها منجّز حدوثا ، بل لا بدّ من استصحاب ما كان منجّزا على تقدير ثبوته ، ويكون
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) الإرشاد ـ للمفيد ـ ١ : ٣٠٢ ، مستدرك الوسائل ١ : ٢٢٨ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ٤.
(٣) كفاية الأصول : ٤٦٠ ـ ٤٦١.