وأما المتشابهات فقوله : (إِنَّ اللهَ (١) لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) وفى آخرها (إِنَّكَ (٢) لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) فعدل من الخطاب إلى لفظ الغيبة فى أول السورة ، واستمر على الخطاب فى آخرها ؛ لأن ما فى أول السورة لا يتصل بالكلام الأول ، كاتصال ما فى آخر السورة به ؛ فإن اتصال قوله (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) بقوله (إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) معنوىّ ، واتصال قوله (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) بقوله (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا) لفظىّ ومعنوىّ جميعا ؛ لتقدم لفظ الوعد. ويجوز أن يكون الأول استئنافا ، والآخر من تمام الكلام.
قوله (كَدَأْبِ (٣) آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ) كان القياس : فأخذناهم لكن (٤) لما عدل فى الآية الأولى إلى قوله (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) عدل فى هذه الآية أيضا لتكون الآيات على منهج واحد. قوله (شَهِدَ (٥) اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ثم كرّر فى آخر الآية ، فقال : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لأن الأول جرى مجرى الشهادة ، وأعاده ليجرى الثانى مجرى الحكم بصحّة ما شهد به الشهود.
قوله (وَيُحَذِّرُكُمُ (٦) اللهُ نَفْسَهُ) كرّره مرتين ؛ لأنه وعيد عطف عليه وعيد آخر فى الآية الأولى ، فإن قوله (٧) (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) معناه : مصيركم إليه ، والعقاب معدّ له (٨) ، فاستدركه فى الآية الثانية بوعد وهو قوله (وَاللهُ
__________________
(١) الآية ٩
(٢) الآية ١٩٤
(٣) الآية ١١
(٤) سقط فى أ
(٥) الآية ١٨
(٦) الآية ٢٨ ، والآية ٣٠
(٧) ب : «فى قوله»
(٨) كذا فى أ ، ب. وفى الكرمانى : «لديه» وهو أنسب