قوله : (لا أَمْلِكُ (١) لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) هنا وفى يونس : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي (٢) ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ) لأنّ أكثر ما جاء فى القرآن من لفظ الضرّ والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضّرّ ؛ لأنّ العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أوّلا ، ثمّ طمعا فى ثوابه ثانيا. يقوّيه قوله : (يَدْعُونَ (٣) رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) ، وحيث تقدم النفع تقدّم لسابقة لفظ تضمّن نفعا. وذلك فى ثمانية مواضع : ثلاثة منها بلفظ الاسم ، وهى هاهنا والرّعد (٤) وسبأ (٥). وخمسة بلفظ الفعل وهى فى الأنعام (ما لا (٦) يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) وفى آخر يونس (ما لا (٧) يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) وفى الأنبياء (ما لا يَنْفَعُكُمْ (٨) شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ) وفى الفرقان (ما لا يَنْفَعُهُمْ (٩) وَلا يَضُرُّهُمْ) وفى الشعراء (أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ (١٠) أَوْ يَضُرُّونَ) أمّا فى هذه السورة فقد تقدّمه (مَنْ يَهْدِ (١١) اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ) فقدّم الهداية على الضّلالة. وبعد ذلك (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) فقدّم الخير على السّوء ، فكذلك (١٢) قدّم النّفع على الضرّ وفى الرّعد (طَوْعاً وَكَرْهاً) فقدّم الطّوع وفى سبأ (يَبْسُطُ (١٣) الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) فقدّم البسط. وفى يونس قدّم الضّرّ على الأصل ولموافقته ما قبلها (لا يَضُرُّهُمْ (١٤) وَلا يَنْفَعُهُمْ) وفيها (وَإِذا مَسَ (١٥) الْإِنْسانَ الضُّرُّ) فتكرّر فى الآية ثلاث مرّات. وكذلك ما جاء
__________________
(١) الآية ١٨٨.
(٢) الآية ٤٩.
(٣) الآية ١٦ سورة السجدة.
(٤) الآية ١٦ وهو منصوب على نزع الخافض أى فى الرعد.
(٥) الآية ٤٢
(٦) الآية ٧١.
(٧) الآية ١٠٦.
(٨) الآية ٦٦.
(٩) الآية ٥٥.
(١٠) الآية ٧٣.
(١١) الآية ١٧٨.
(١٢) كذا والأنسب : «فلذلك».
(١٣) الآية ٣٦.
(١٤) الآية ١٨.
(١٥) الآية ١٢