لأنّه ذكر البداية فى أوّل الآية وهو (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) وهو مبدأ كفرهم ، فحسن ذكر النّهاية الّتى أمهلوا إليها ؛ ليكون محدودا من الطّرفين.
قوله : (وَإِنْ (١) مَسَّهُ الشَّرُّ (٢) فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) وبعده : (وإن مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) لا منافاة بينهما ؛ لأنّ معناه : قنوط من الصّنم ، دعّاء لله. وقيل : يئوس قنوط بالقلب دعّاء باللّسان. وقيل : الأوّل فى قوم والثّانى فى آخرين. وقيل : الدّعاء مذكور فى الآيتين ، وهو (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) فى الأوّل ، و (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) فى الثّانى.
قوله : (وَلَئِنْ (٣) أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) [بزيادة (٤) من] وفى هود : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ (٥) نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) ، لأنّ فى هذه السّورة بيّن جهة الرّحمة ، وبالكلام حاجة إلى ذكرها وحذف فى هود ؛ اكتفاء بما قبله ، وهو قوله : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) ، وزاد فى هذه السّورة (من) لأنه لمّا حدّ الرّحمة والجهة الواقعة منها ، حدّ الطّرف الّذى بعدها فتشاكلا فى التحقيق (٦). وفى هود لمّا أهمل الأوّل أهمل الثّانى.
قوله : (أَرَأَيْتُمْ (٧) إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) وفى الأحقاف (وَكَفَرْتُمْ (٨) بِهِ) بالواو ؛ لأنّ معناه فى هذه السّورة : كان عاقبة أمركم بعد الإمهال للنّظر والتدبّر الكفر ، فحسن دخول ثمّ ، وفى الأحقاف
__________________
(١) الآية ٤٩.
(٢) ما بين المعقوفتين من الكرمانى.
(٣) الآية ٥٠.
(٤) ما بين المعقوفتين من الكرمانى.
(٥) الآية ١٠.
(٦) فى الكرمانى : «التحديد».
(٧) الآية ٥٢.
(٨) الآية ١٠.