ومنها ضيق الحال ، وعدم المعونة على الاشتغال.
ومنها إقبال الدّنيا ، وتقلّد الأعمال ، وولاية المناصب ، وهذا من أعظم الموانع.
ثم اعلم أنّ للعلم عرفا ينمّ على صاحبه ، ونورا يرشد إليه ، وضياء يشرق عليه ؛ فحامل المسك لا تخفى روائحه : معظّم عند النفوس الخيّرة ، محبّب الى العقلاء ، وجيه عند ذوى (١) الوجوه ، تتلقّى القلوب أقواله وأفعاله بالقبول. ومن لم يظهر عليه أمارات علمه فهو ذو بطانة (٢) ، لا صاحب إخلاص
القول فى حصر العلوم :
كل علم فإمّا أن يكون مقصودا لذاته أو لا.
والأوّل العلوم الحكميّة الإلهيّة. والمراد بالحكمة (٣) هاهنا استكمال النّفس الناطقة قوّتيها : النظريّة ، والعلميّة بحسب الطّاقة الإنسانيّة. والأوّل يكون بحصول الاعتقادات اليقينيّة فى معرفة الموجودات وأحوالها. والثانى يكون بتزكية النفس باقتنائها الفضائل ، واجتنابها الرّذائل.
وأمّا الثانى ـ وهو ما لا يكون مقصودا لذاته ، بل يكون آلة لغيره فإمّا للمعانى ـ وهو علم المنطق ـ وإمّا لما يتوصّل به إلى المعانى ، وهو اللفظ والخطّ : وهو علم الأدب.
والعلوم الحكميّة النظريّة تنقسم الى أعلى ـ وهو علم الإلهىّ ـ وأدنى ـ وهو علم الطّبيعىّ ـ وأوسط وهو العلم الرياضىّ.
__________________
(١) ب : «أولى»
(٢) كذا. وقد يكون : «بطالة».
(٣) ا ، ب : «بالحكمية»