الفصل الثانى
فى ذكر إعجاز القرآن وتمييزه بالنظم المعجز عن سائر الكلام
اعلم أن الإعجاز إفعال من العجز الّذى هو زوال القدرة عن الإتيان بالشيء من عمل أو رأى أو تدبير. والّذى يظهر على الخلق من هذا المعنى ثلاث درجات : مخرقة (١) وكرامة (ومعجزة) (٢).
وبين المخرقة والمعجزة فروق كثيرة.
منها أنّ المخرقة لا بقاء لها ، كعصىّ سحرة فرعون ، والمعجزة باقية ، كعصا موسى. ومنها أنّ المخرقة لا حقيقة لها ، ولا معنى ؛ لأنّ بناءها على الآلات ، والحيل ؛ والمعجزة لا آلة لها (٣) ، ولا حيلة. ومنها أنّ العوامّ يعجزون عن المخرقة ، وأمّا الحذّاق والأذكياء فلا يعجزون عنها. وأمّا المعجزة فالخواصّ والعوامّ على درجة واحدة فى العجز عنها.
ومنها أنّ المخرقة متداولة بين النّاس فى جميع الأزمان غير مختصّة بوقت دون وقت ، وأمّا المعجزة فمختصّة بزمان النبوّة ، خارجة عن العرف ، خارقة للعادة
__________________
(١) يراد بالمخرقة هنا عمل غريب مبنى على تمويه لا حقيقة له. وفى مستدرك التاج : «المخرقة اظهار الخرق توصلا الى حيلة ، وقد مخرق ، والمخرق : المموه. وهو مستعار من مخاريق الصبيان» وتقدم كلام فيه فى التعليق رقم (١) ص ٤٥.
(٢) ب : «من المعجزة»
(٣) سقط فى ب