وكلّ معجزة كانت لنبيّ من الأنبياء فكان مثلها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان إظهارها له ميسّرا مسلما.
وأفضل معجزاته وأكملها وأجلّها وأعظمها القرآن الذى نزل عليه (١) بأفصح اللّغات ، وأصحّها ، وأبلغها ، وأوضحها ، وأثبتها ، وأمتنها (٢) ، بعد أن لم يكن كاتبا ولا شاعرا ولا قارئا ، ولا عارفا بطريق الكتابة ، واستدعاء (٣) من خطباء (٤) العرب العرباء وبلغائهم وفصحائهم أن يأتوا بسورة من مثله ، فأعرضوا عن معارضته ، عجزا عن الإتيان بمثله. فتبيّن بذلك أن هذه المعجزة أعجزت العالمين عن آخرهم (٥)
ثم اختلف الناس فى كيفيّة الإعجاز.
فقيل : لم يكونوا عاجزين عن ذلك طبعا ، إلّا أنّ الله صرف همّتهم ، وحبس لسانهم ، وسلبهم قدرتهم ؛ لطفا بنبيّه صلىاللهعليهوسلم ، وفضلا منه عليه. وذلك قوله (وعلّمك (٦) ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما). وهو قول مردود غير مرضىّ.
__________________
(١) سقط فى ب
(٢) فى أ : «أمينها» وهو محرف عما أثبت ، ب الكلمة غير واضحة وهى أقرب الى «أبينها»
(٣) عطف على المصدر فى «أن لم يكن كاتبا ...»
(٤) أ ، ب : «خطب». والخطب جمع الخطبة لا يسوغ هنا. فان كان «الخطب» بضم الطاء جمع خطيب كنذير ونذر كان ما فى النسختين صحيحا ، غير أن هذا الجمع لم يرد فيما وقفت عليه فى المعاجم وفعل ينقاس فى فعيل الاسم كسرير وسرر وكثيب وكثب ويقل فى الوصف كنذير ونذر
(٥) أ ، ب : «آخره»
(٦) الآية ١١٣ سورة النساء