٥٨ ـ بصيرة فى الاستحياء
وقد ورد فى القرآن على ثلاثة أوجه :
الأوّل : بمعنى الاستبقاء للخدمة : (وَيَسْتَحْيُونَ (١) نِساءَكُمْ) أى يستبقونهنّ (٢) للخدمة.
الثانى : بمعنى التّرك والإعراض : (إِنَّ اللهَ (٣) لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) أى لا يترك.
الثالث : بمعنى استعمال الحياء. وهو لغة : انقباض النّفس عن القبيح (٤) وتركه : يقال حيى فهو حيىّ ، واستحيا فهو مستحى. وقيل : استحى فهو مستح. وفى الحديث (إنّ الله (٥) يستحيى من ذى الشّيبة المسلم أن يعذّبه) وليس المراد به : انقباض النّفس ، وإنّما المراد به : ترك تعذيبه. وعلى هذا ما يروى (إنّ الله حيىّ) أى تارك للمقابح ، فاعل للمحاسن. وفى الحديث (إذا لم (٦) تستحى فاصنع ما شئت) وقال :
إذا لم تخش عاقبة الليالى |
|
ولم تستحى فاصنع ما تشاء |
فلا والله ما فى العيش خير |
|
ولا الدّنيا إذا ذهب الحياء |
يعيش المرء ما استحيا بخير |
|
ويبقى العود ما بقى اللّحاء (٧) |
__________________
(١) الآيات ٤٩ سورة البقرة ، ١٤١ سورة الأعراف ، ٦ سورة ابراهيم.
(٢) أ ، ب : «يستبقون» وما أثبت عن الراغب.
(٣) الآية ٢٦ سورة البقرة.
(٤) ب «القبائح».
(٥) اللفظ فى الجامع الكبير للسيوطى : ان الله يستحيى أن يعذب شيبة شابت فى الإسلام. وقد رواه بسند ضعيف عن ابن النجار ، كما فى كشف الخفاء والالباس ، للعجلونى.
(٦) رواه البخارى عن أبى مسعود يرفعه. ولفظ أبى مسعود : «قال النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ان مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : اذا لم تستح فاصنع ما شئت» انظر البخارى فى كتاب الأدب.
(٧) اللحاء : قشر الشجر.