٧٨ ـ بصيرة فى الاسف
وقد ورد على معنيين :
الأوّل : بمعنى الحزن والمصيبة : (يا أَسَفى (١) عَلى يُوسُفَ) (وَلَمَّا رَجَعَ (٢) مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) أى حزينا.
الثانى : بمعنى السخط والغضب (فَلَمَّا آسَفُونا (٣) انْتَقَمْنا) أى أغضبونا. وحقيقة الأسف : ثوران دم القلب شهوة الانتقام. فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار (غضبا (٤) ، ومتى كان على من فوقه انقبض فصار) حزنا. ولذلك سئل ابن عبّاس عن الحزن والغضب ؛ فقال : مخرجها واحد ، واللّفظ مختلف. فمن نازع من يقوى عليه أظهره غيظا وغضبا ، ومن نازع من لا يقوى عليه أظهره (٥) حزنا وجزعا. وبهذا اللّفظ قال الشاعر :
* فحزن كلّ أخى حزن أخو الغضب*
قال الرّضا (٦) : إنّ الله لا يأسف كأسفنا ، ولكن له أولياء يأسفون ويرضون ، فجعل رضاهم رضاه ، وغضبهم غضبه ، وعلى ذلك قال : (من (٧) أهان لى وليّا فقد بارزنى بالمحاربة).
__________________
(١) الآية ٨٤ سورة يوسف.
(٢) الآية ١٥٠ سورة الأعراف.
(٣) الآية ٥٥ سورة الزخرف.
(٤) سقط ما بين القوسين فى ا.
(٥) ا ، ب : «أظهر» وما أثبت عن الراغب.
(٦) فى الراغب : «أبو عبد الله الرضا». وجاء هذا القول فى الراغب عقب قوله تعالى : (فَلَمَّا آسَفُونا).
(٧) من حديث رواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الأولياء وغيره انظر كنز العمال ١ ، ٥٩.