٣٨ ـ بصيرة فى البعد
وهو ضدّ القرب ، وما لهما حدّ محدود ، وإنّما هو أمر اعتبارىّ. ويستعمل فى المحسوس وفى المعقول ولكن استعماله فى المحسوس أكثر. مثاله فى المعقولة (١) قوله ـ تعالى ـ : (قَدْ (٢) ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً) يقال (٣) بعد ـ ككرم ـ : أى تباعد ، فهو بعيد. قال ـ تعالى ـ : (وَما هِيَ (٤) مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).
وبعد بعدا ـ كفرح فرحا : مات. والبعد أكثر ما يقال فى الهلاك ، والبعد والبعد كلاهما يقال فى الهلاك ، وفى ضدّ القرب. قال ـ تعالى ـ : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ (٥) الظَّالِمِينَ). وقوله : (بَلِ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) أى الضلال الذى يصعب الرجوع منه إلى الهدى ؛ تشبيها بمن ضلّ عن محجّة الطّريق بعدا متناهيا ، فلا يكاد يرجى له إليها رجوع ، وقوله : (وَما قَوْمُ (٧) لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) أى تقاربونهم فى الضّلال ، فلا يبعد أن يأتيكم ما أتاهم من العذاب.
__________________
(١) أى فى الأمور المعقولة.
(٢) الآية ١٦٧ سورة النساء.
(٣) ا ، ب : «فقال».
(٤) الآية ٨٣ سورة هود.
(٥) الآية ٤١ سورة المؤمنين.
(٦) الآية ٨ سورة سبأ.
(٧) الآية ٨٩ سورة هود.