١٣ ـ بصيرة (١) فى التقوى
وهى مشتقّة من الوقاية ، وهى حفظ الشىء ممّا يؤذيه ، ويضرّه. يقال : وقاه وقيا ووقاية وواقية : صانه. والتّوقية : الكلاءة ، والحفظ. وقيل : الأصل (٢) فيها وقاية النّساء الّتى تستر المرأة بها رأسها ، تقيها من غبار ، وحرّ ، وبرد. والوقاية : ما وقيت به شيئا. ومن ذلك فرس واق : إذا كان يهاب المشى من وجع يجده فى حافره. فأصل تقوى : وقوى (٣) ، أبدلت الواو تاء ؛ كتراث ، وتجاه. وكذلك اتّقى يتّقى أصله : اوتقى ، على افتعل. فقلبت الواو ياء ، لانكسار ما قبلها ، وأبدلت منها التّاء ، وأدغمت. فلمّا كثر استعماله على لفظ الافتعال توهّموا أنّ التّاء من نفس الكلمة ، فجعلوه تقى (٤) يتقى ، بفتح التّاء فيها. ثمّ لم يجدوا له مثالا فى كلامهم يحلقونه به ، فقالوا : تقى يتقى مثل قضى يقضى. وتقول فى الأمر : تق ، و (فى المؤنّث (٥)) تقى. ومنه قوله :
زيادتنا نعمان لا تقطعنها |
|
تق الله فينا والكتاب الذى تتلو (٦) |
__________________
(١) تقدم شىء من هذا فى بصيرة (الاتقاء) ص ١١٥.
(٢) فى الأصلين : «والأصل».
(٣) أى بعد ابدال الياء واوا فالأصل الأصيل : وقيا.
(٤) يرى أبو الحسن على بن سليمان الاخفش فى شرح نوادر أبى زيد ص ٤ أن أتقى حذف منها احدى التاءين وهمزة الوصل ، فصار تقى ، وجاء المضارع يتقى يحذف احدى التاءين. ويرى الأزهرى ـ كما فى التاج ـ أن المحذوف التاء المبدلة من الواو أى فاء الكلمة. وما ذكره المصنف رأى الجوهرى
(٥) ب : «للمؤنث».
(٦) البيت لعبد الله بن همام السلولى .. كما فى نوادر أبى زيد ص ٤.