١٤ ـ بصيرة فى التوبة
تاب إلى الله توبا ، وتوبة ، ومتابا ، وتابة ، وتتوبة : رجع عن المعصية ، وهو تائب ، وتوّاب. وتاب الله عليه : وفّقه للتوبة ، أو رجع به من التّشديد إلى التخفيف ، أو رجع عليه بفضله ، وقبوله. وهو توّاب على عباده. واستتابه : سأله أن يتوب.
والتوبة من أفضل مقامات السّالكين ؛ لأنّها أوّل المنازل ، وأوسطها ، وآخرها ، فلا يفارقها العبد أبدا ، ولا يزال فيها إلى الممات. وإن ارتحل السّالك منها إلى منزل آخر ارتحل به ، ونزل به. فهى بداية العبد (١) ، ونهايته. وحاجته إليها فى النّهاية ضروريّة ؛ كما حاجته إليها فى البداية كذلك.
وقد قال تعالى : (وَتُوبُوا (٢) إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وهذه الآية فى سورة مدنيّة ، خاطب الله تعالى بها أهل الإيمان ، وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم ، وصبرهم ، وهجرتهم ، وجهادهم ، ثمّ علّق الفلاح بالتوبة تعلّق (٣) المسبّب بسببه ، وأتى بأداة (لعلّ) المشعر بالتّرجّى ؛ إيذانا بأنّكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح ، فلا يرجو الفلاح إلّا التائبون ، جعلنا الله منهم. وقد قال ـ تعالى ـ : (وَمَنْ (٤) لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) قسّم العباد إلى تائب ، وظالم. وما قسم (٥) ثالث البتّة ، وأوقع
__________________
(١) فى الأصلين : «للعبد»
(٢) الآية ٣١ سورة النور
(٣) كذا ، والأولى : «تعليق»
(٤) الآية ١١ سورة الحجرات
(٥) أى ما هناك قسم