إلى ما سوى الله خوفا منه ، أو رغبة فيه ، أو مبالاة وفكرا فيه ، بحيث يشتغل قلبه عن الله تعالى. والاتّصال لا يصحّ إلّا بعد هذا الانفصال. وهو اتّصال القلب بالله ، وإقباله عليه ، وإقامة وجهه له حبّا وخوفا ورجاء وإنابة وتوكلا. وهذا إنما يحصل بحسم مادة رجاء المخلوقين من قلبك ، وهو الرّضا بحكم الله وقسمه لك ، وبحسم مادة الخوف وهو التسليم لله ؛ فإنّ من سلّم لله واستسلم له علم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه فلا يبقى للمخلوقين فى قلبه موقع ؛ فإنّ نفسه الّتى يخاف عليها قد سلّمها إلى مولاها وأودعها عنده وجعلها تحت كنفه ، حيث لا يناله يد عاد ولا بغى باغ ، وبحسم مادّة المبالاة بالنّاس. وهذا إنّما يحصل بشهود الحقيقة وهو (١) رؤية الأشياء كلّها من الله وبالله وفى قبضته وتحت قهر سلطانه ، لا يتحرّك منها شىء إلّا بحوله وقوّته ، ولا ينفع ولا يضرّ إلّا بإذنه ومشيئته ، فما وجه المبالاة بالخلق بعد هذا الشهود.
__________________
(١) كذا فى أ ، وفى ب : «هى».