والاستجابة قيل : هى الإجابة. وحقيقتها هى التحرّى للجواب والتّهيّؤ له ، لكن عبّر به عن الإجابة (١) لقلّة انفكاكها منها. قال تعالى (ادْعُونِي (٢) أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
٥١ ـ بصيرة فى الجار والجار والجارى
أمّا الجار فمن يقرب مسكنه من مسكنك. وهو من الأسماء المتضايفة ، فإنّ الجار لا يكون جارا لغيره حتّى يكون ذلك الغير جارا له ؛ كالأخ والصّديق ونحو ذلك. ولمّا استعظم حقّ الجار شرعا وعقلا عبّر عن كلّ من يعظم حقّه أو يستعظم حقّ غيره بالجار ، كقوله تعالى : (وَالْجارِ (٣) ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ) ويقال : استجرت فأجارنى ، وعلى هذا قوله تعالى (وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ)(٤) وقوله تعالى (وَهُوَ يُجِيرُ (٥) وَلا يُجارُ عَلَيْهِ).
وقد تصوّر من الجار معنى القرب فقيل لما يقرب من غيره : جاره. وجاوره وتجاوروا قال تعالى (وَفِي الْأَرْضِ (٦) قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) وباعتبار القرب قيل : جار عن الطّريق. ثم جعل ذلك أصلا فى كلّ عدول عن كلّ حقّ ، فبنى منه الجور ، قوله تعالى (وَمِنْها (٧) جائِرٌ) أى عادل عن المحجّة. وقيل : الجائر من النّاس هو الذى يمتنع عن التزام ما يأمر به الشّرع.
__________________
(١) ا ، ب «الاحاطة».
(٢) الآية ٦٠ سورة غافر.
(٣) الآية ٣٦ سورة النساء.
(٤) الآية ٤٨ سورة الأنفال.
(٥) الآية ٨٨ سورة المؤمنين.
(٦) الآية ٤ سورة الرعد.
(٧) الآية ٩ سورة النحل.