١٨ ـ بصيرة فى الحرث
وهو إلقاء البذر فى الأرض وتهيئتها للزرع ، ويسمى المحروث حرثا ، قال تعالى (أَنِ (١) اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ) وتصوّر منه العمارة التى تحصل عنه فى قوله تعالى (مَنْ كانَ (٢) يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) الآية ، والدّنيا محرث للناس وهم حرّاث فيها. وفى الحديث «أصدق (٣) الأسماء الحارث والهمّام» وذلك لتصوّر معنى الكسب فيه. وروى (احرث (٤) لدنياك كأنّك تعيش أبدا) وتصوّر [من] معنى الحرث معنى التّهييج فقيل : حرثت النّار. ويقال احرث القرآن أى أكثر تلاوته. وفى حديث ابن مسعود : احرثوا هذا القرآن ، أى فتّشوه وتدبّروه. وحرث ناقته إذا استعملها. وقال معاوية للأنصار : ما فعلت نواضحكم (٥) قالوا حرثناها يوم بدر. قال تعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ)(٦) وذلك على سبيل التشبيه. فبالنّساء زرع ما به بقاء نوع الإنسان ، كما أن بالأرض زرع ما به بقاء أشخاصهم.
وقد ورد فى القرآن على ثلاثة أوجه. الأوّل : بمعنى الزّرع المعهود (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ)(٧)(وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ (٨) مُسَلَّمَةٌ) (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ
__________________
(١) الآية ٢٢ سورة القلم.
(٢) الآية ٢٠ سورة الشورى.
(٣) ورد فى النهاية. وهو فى الجامع الصغير عن الطبرانى. وصدره : أحب الى الله تعالى ما تعبد له.
(٤) ورد فى النهاية.
(٥) ب : «بنواضحكم» وكأن هناك رواية أخرى : ما فعلتم بنواضحكم. والنواضح : الابل تسقى الزرع ، عيرهم معاوية رضى الله عنه أنهم أهل زرع ، فأجابوه بما أسكته ، تعريضا بقتل أشياخهم يوم بدر.
(٦) الآية ٢٢٣ سورة البقرة.
(٧) الآية ٦٣ سورة الواقعة.
(٨) الآية ٧١ سورة البقرة.