٢٨ ـ بصيرة فى الحزن
والحزن والحزن خشونة (١) فى الأرض وخشونة فى النفس لما يحصل فيه من الغمّ ، ويضادّه الفرح. ولاعتبار الخشونة بالغمّ قيل خشّنت بصدره (٢) إذا حزنته. يقال : حزن يحزن كعلم يعلم ، وحزنته وأحزنته. وقوله (وَلا تَحْزَنْ)(٣) ليس بنهى عن تحصيل الحزن ، لأن الحزن ليس يدخل باختيار الإنسان. ولكن النهى فى الحقيقة إنما هو عن تعاطى ما يورث الحزن واكتسابه. وإلى هذا المعنى أشار الشاعر بقوله :
ومن سرّه ألّا يرى ما يسوءه |
|
فلا يتخذ شيئا يخاف (٤) له فقدا |
وأيضا يحث على أن يتصوّر الإنسان ما عليه جبلّة الدّنيا ، حتى إذا غافصته (٥) نائبة لم يكترث لها لمعرفته إيّاها ، وحث على أن يروض نفسه على تحمل صغار النّوب حتى يتوصّل بها إلى تحمّل كبارها.
__________________
(١) الذى فى اللغة أن خشونة الارض يقال لها الحزن بفتح فسكون. وقد تبع فى هذا الراغب.
(٢) ويقال أيضا : خشنت صدره وبصدره اذا أوغره وأغضبه.
(٣) الآية ٨٨ سورة الحجر ، وورد فى آيات أخرى.
(٤) فى الراغب : «يبالى» والشعر لابن الرومى كما ورد فى محاضرات الراغب ٢ / ٣٢٥.
(٥) أى : فاجأته وأخذته على غرة.