٢٩ ـ بصيرة فى الحس
وهو القتل ، ومنه قوله تعالى (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ (١) بِإِذْنِهِ) أى تقتلونهم وتستأصلونهم ، وحسّ البرد الجراد : قتله. والحسيس : القتيل ، فعيل بمعنى مفعول.
وقوله تعالى (لا يَسْمَعُونَ (٢) حَسِيسَها) أى حسّها وحركة تلهّبها. قال إبراهيم الحربى : الحسّ والحسيس أن يمرّ بك قريبا فتسمعه ولا تراه. والحاسة : القوّة التى بها تدرك الأعراض الجسميّة. والحواسّ : المشاعر الخمس ، يقال : حسست وحسيت وأحسست وأحسيت.
فحسست على وجهين : أحدهما يقال أصبته بحسّى ، نحو : عنته ورمحته (٣). والثانى أصبت حاسته ، نحو كبدته. ولمّا كان ذلك قد يتولد منه القتل عبّر به عن القتل فقيل حسسته أى قتلته. وأما حسست فنحو علمت وفهمت ، ولكن لا يقال ذلك إلا فيما كان من جهة الحاسّة. وأمّا حسيت فقلبت (٤) إحدى السّينين ياء. وأمّا أحسسته فحقيقته أدركته بحاستى ، وأحست مثله ، لكن حذف إحدى السينين تخفيفا نحو ظلت.
وقوله تعالى (فَلَمَّا أَحَسَ (٥) عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) تنبيه أنّه ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحسّ فضلا عن التفهّم. وكذلك قوله تعالى (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا)(٦) وقوله تعالى (هَلْ (٧) تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) أى هل تجد بحاسّتك أحدا منهم. وقد يعبر عن الحركة بالحسيس والحس ، قال تعالى (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها)(٨).
__________________
(١) الآية ١٥٢ سورة آل عمران.
(٢) الآية ١٠٢ سورة الانبياء.
(٣) كذا فى مخطوطة الراغب. وفى الاصلين : «رمقته».
(٤) فى الاصلين : «فنقلت» والمناسب ما أثبت.
(٥) الآية ٥٢ سورة آل عمران.
(٦) الآية ١٢ سورة الانبياء.
(٧) الآية ٩٨ سورة مريم.
(٨) الآية ١٠٢ سورة الأنبياء.