٨ ـ بصيرة فى الانزال
وهو إفعال من النّزول ، وهو فى الأصل انحطاط من علوّ. يقال : نزل عن دابّته ، ونزل فى مكان كذا : حطّ رحله فيه. وأنزل غيره. وأنزل الله نعمه على الخلق : أعطاها إيّاهم. وذلك إمّا بإنزال الشىء نفسه ، كإنزال القرآن ، وإمّا بإنزال أسبابه والهداية إليه ، كإنزال الحديد واللباس.
والفرق بين الإنزال والتّنزيل فى وصف القرآن والملائكة ، أنّ التنزيل يختصّ بالموضع الّذى يشير إلى إنزاله متفرّقا ، ومرّة بعد أخرى ، والإنزال عامّ (لَوْ لا (١) نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) فإنّما ذكر فى الأوّل (نزّل) وفى الثانى (أنزل) ، تنبيها أنّ المنافقين يقترحون أن ينزل شىء فشىء من الحثّ على القتال ؛ ليتولّوه. وإذا أمروا بذلك دفعة واحدة تحاشوا عنه ، فلم يفعلوه ، فهم يقترحون الكثير ، ولا يفون منه بالقليل. و (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) إنّما خصّ بلفظ الإنزال ؛ لأنّ القرآن نزل دفعة إلى السّماء الدّنيا ، ثمّ نزل نجما نجما. وقوله : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا (٢) الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) دون نزّلنا تنبيها أنّا لو خوّلناه تارة (٣) واحدة ما (خوّلناكم مرارا (٤)) إذا لرأيته خاشعا.
__________________
(١) الآية ٢٠ سورة محمد ـ عليه الصلاة والسّلام ـ
(٢) الآية ٢١ سورة الحشر
(٣) فى الراغب : «مرة»
(٤) ا ، ب : «خولنا من ، وما أثبت عن الراغب