٤٧ ـ بصيرة فى الحمد والحميد
الحمد : الثّناء بالفضيلة ، وهو أخصّ من المدح وأعمّ من الشكر [فإن المدح](١) يقال فيما يكون من الإنسان باختياره وممّا يكون منه وفيه بالتّسخير ، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه ، كما يمدح ببذل ماله وشجاعته وعلمه ، والحمد يكون فى الثانى (٢) دون الأوّل ، والشكر لا يقال إلّا فى مقابلة نعمة : فكلّ شكر حمد وليس كلّ حمد شكرا ، وكلّ حمد مدح وليس كلّ مدح حمدا. وفلان محمود إذا حمد ، ومحمّد إذا كثرت خصاله المحمودة ، ومحمد كمكرم إذا وجد محمودا.
وقوله تعالى : (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)(٣) يصحّ أن يكون فى معنى المحمود ، وأن يكون فى معنى الحامد. وحماداك أن تفعل كذا أى غايتك المحمودة.
وقوله تعالى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(٤) فأحمد إشارة إلى النبىّ صلىاللهعليهوسلم باسمه [وفعله](٥) تنبيها على أنّه كما وجد أحمد يوجد وهو محمود فى أخلاقه وأفعاله. وخصّ بلفظ (٦) أحمد فيما يبشّر (٧) به عيسى عليهالسلام تنبيها أنّه أحمد منه ومن الّذين قبله.
__________________
(١) زيادة فى الراغب.
(٢) أى فى التمثيل فى قوله «كما يمدح ببذل ماله وشجاعته وعلمه» وهو ما يكون من الانسان باختياره. وهذا هو الاول فى التقسيم.
(٣) الآية ٧٣ سورة هود.
(٤) الآية ٦ سورة الصف.
(٥) زيادة فى الراغب.
(٦) كذا فى ا. وفى ب : «بلفظة». وفى الراغب : «لفظة».
(٧) فى الراغب : «بشر».