والحيوان : مقر الحياة. ويقال على ضربين : أحدهما ما له الحاسّة ، والثّانى ما له البقاء الأبدى. وهو المذكور فى قوله تعالى : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ)(١) وقد نبّه بقوله (لَهِيَ الْحَيَوانُ) أن الحيوان الحقيقىّ السّرمدىّ الّذى لا يفنى ، لا ما يبقى مدّة ويفنى بعد مدّة. وقال بعض اللغويّين الحيوان والحياة واحد. وقيل : الحيوان ما فيه الحياة والموتان ما ليس فيه الحياة. والحيا : المطر لأنّه يحيى به الأرض بعد موتها. وقوله تعالى : (نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى)(٢) فيه تنبيه أنه سماه بذلك من حيث إنّه لم تمته الذّنوب ، كما أماتت كثيرا من ولد آدم ، لا أنّه كان يعرف بذلك فقط فإنّ هذا قليل الفائدة. قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ)(٣) أى يخرج النّبات من الأرض والإنسان من النطفة (٤).
وقوله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها)(٥) فالتحيّة أن يقال : حيّاك الله أى جعل لك حياة. وذلك إخبار ثمّ يجعل دعاء [(٦) ويقال : حيّا فلان فلانا تحيّة إذا قال له ذلك ، وأصل التحية من الحياة ، ثم جعل ذلك دعاء] تحيّة لكون (٧) جميعه غير خارج عن حصول الحياة أو بسبب الحياة إمّا لدنيا أو لآخرة (٨). ومنه التّحيّات لله.
__________________
(١) الآية ٦٤ سورة العنكبوت. وتفسير الحيوان فى الآية بالحى ليس بالوجه ، بل الحيوان هنا الحياة ، والكلام على تقدير مضاف أى وان الدار الآخرة ذات الحيوان أى الحياة الحقيقية ، وقد ذكر هذا بعد.
(٢) الآية ٧ سورة مريم.
(٣) الآية ١٩ سورة الروم.
(٤) ترك تفسير قوله تعالى : «ويخرج الميت من الحى» وفسره الراغب باخراج النطفة من الانسان.
(٥) الآية ٨٦ سورة النساء.
(٦) زيادة من الراغب.
(٧) كذا فى ب والراغب. وفى أ : «لكونه»
(٨) كذا فى ب وفى أ : «الدنيا أو الآخرة».