٥٣ ـ بصيرة فى الحياء (١)
وهو انقباض النفس عن القبائح وعن التّفريط فى حقّ صاحب الحقّ. وقال (٢) ذو النّون : الحياء وجود الهيبة فى القلب مع وحشة ممّا سبق منك إلى ربّك ، والحبّ ينطق ، والحياء يسكت ، والخوف يقلق.
وقد قسم الحياء على عشرة أوجه : حياء جناية وحياء تقصير ، وحياء إجلال ، وحياء كرم ، وحياء حشمة ، وحياء (استقصار النّفس (٣)) ، وحياء محبّة ، وحياء عبوديّة ، وحياء شرف وعزّة ، وحياء المستحى من (٤) نفسه.
فأمّا حياء الجناية فمنه حياء آدم لما فرّ هاربا فى الجنّة ، قال الله تعالى : إفرارا منّى يا آدم؟! قال : لا يا ربّ بل حياء منك. وحياء التقصير كحياء الملائكة الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون ، فإذا كان يوم القيامة قالوا : سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك. وحياء الإجلال هو حياء المعرفة ، وعلى حسب معرفة العبد بربّه يكون حياؤه منه. وحياء الكرم كحياء النبىّ صلىاللهعليهوسلم من القوم الّذين دعاهم إلى وليمة زينب وطوّلوا عنده فقام واستحى أن يقول لهم : انصرفوا. وحياء الحشمة كحياء على بن أبى طالب أن يسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن المذى لمكان ابنته. وحياء الاستحقار
__________________
(١) كذا فى أ. وفى ب : «فصل» وكأن وجهه أن الحياة داخل فى مادة الحى الذى عقد له البصيرة السابقة ، فجعله لهذا فصلا.
(٢) انظر الرسالة القشيرية ١٢٨
(٣) ب : «استصغا وللنفس». واستقصار لنفس : عدها قصيرة لا تنال المعالى ولم أقف على هذه الصيغة فى اللغة.
(٤) كذا فى ب. وفى أ : «عن».