٢٢ ـ بصيرة فى الخلود والخلوص والخلط والخلع
الخلود هو تبرّؤ الشىء من اعتراض الفساد ، وبقاؤه على الحالة الّتى هى عليه. وكلّ ما يتباطأ عنه التغيير والفساد يصفه العرب بالخلود كقولهم للأثافىّ (١) : خوالد. وذلك لطول [مكثها](٢) لا لدوام بقائها. يقال : خلد يخلد خلودا. والخلد ـ بالتّحريك ـ : اسم (٣) للجزء الّذى يبقى من الإنسان على حالته فلا يستحيل ما دام الإنسان حيّا استحالة سائر أجزائه. وأصل المخلّد الذى يبقى مدّة طويلة. ومنه رجل مخلّد لمن أبطأ عنه الشّيب ثمّ استعير للمبقى دائما.
والخلود فى الجنّة : بقاء الأشياء على الحالة التى هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها ، قال تعالى : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ)(٤) أى مبقّون بحالتهم لا يعتريهم استحالة. وقيل : مقرّطون بخلدة. والخلدة : ضرب من القرطة (٥). وإخلاد الشىء : جعله مبقّى أو الحكم بكونه مبقّى. وعلى هذا قوله تعالى : (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ)(٦) أى ركن إليها ظانّا أنّه يخلد فيها.
__________________
(١) فى الاصلين تبعا لنسخة سقيمة من الراغب : «الايام» والصواب ما أثبت تبعا لنسخة صحيحة فى الراغب. والاثافى : الحجارة توضع عليها القدر.
(٢) زيادة من الراغب.
(٣) تبع فى هذا الراغب. ولم أجد هذا المعنى فيما وقفت عليه فى كتب اللغة. والخلد فى القاموس : البال والقلب والنفس.
(٤) الآية ١٧ سورة الواقعة.
(٥) جمع قرط ، وهو ما يعلق من الحلى فى شحمة الاذن.
(٦) الآية ١٧٦ سورة الأعراف. والاخلاد فى الآية من اللازم ، وقد جعله تبعا للراغب من المتعدى. وكان المراد : أخلد نفسه فى ظنه واعتقاده ، كما يشير اليه كلامه ، فكأن المفعول محذوف.