٢٤ ـ بصيرة فى الخلق
وهو التقدير ، وقيل : التقدير المستقيم. ويستعمل فى إبداع الشىء من غير أصل ولا احتذاء. قال تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)(١) أى أبدعهما بدلالة قوله : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٢). ويستعمل فى إيجاد الشيء من الشىء. قال تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)(٣).
وليس الخلق بمعنى الإبداع إلّا لله تعالى. ولهذا قال تعالى فى الفصل بينه وبين غيره : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ)(٤) وأمّا الّذى يكون بالاستحالة فقد جعله الله لغيره فى بعض الأحوال كعيسى عليهالسلام حيث قال : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ)(٥) والخلق لا يستعمل فى جميع النّاس إلّا على وجهين :
أحدهما فى معنى التقدير كقوله (٦) :
ولأنت تفرى ما خلقت وبعض ال |
|
قوم يخلق ثم لا يفرى |
والثانى : فى الكذب نحو قوله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً)(٧).
إن قيل : قوله تعالى : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)(٨) يدل على أنّه يصحّ أن يوصف به غيره ، قلنا : إن ذلك معناه : أحسن المقدّرين ، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أنّ غير الله يبدع ، فكأنّه
__________________
(١) الآية ٣ سورة النحل وورد فى آيات أخرى.
(٢) الآية ١١٧ سورة البقرة ، الآية ١٠١ سورة الانعام.
(٣) الآية ٦ سورة الزمر.
(٤) الآية ١٧ سورة النحل.
(٥) الآية ١١٠ سورة المائدة.
(٦) أى قول زهير من قصيدة فى مدح هرم بن سنان. وانظر الديوان بشرح ثعلب ٩٤.
(٧) الآية ١٧ سورة العنكبوت.
(٨) الآية ١٤ سورة المؤمنين.