٨ ـ بصيرة فى الدرس والدرك
الدّرس : درس الشىء معناه بقى أثره. ومنه درس الكتاب ودرست العلم أى أى تناولت أثره بالحفظ. ولمّا كان تناول ذلك بمداومة القرآن عبّر عن إدامة القرآن بالدّرس. وقوله تعالى : (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ)(١) أى : جاريت أهل الكتاب فى القراءة (٢). وقيل : (دَرَسُوا ما فِيهِ)(٣) تركوا العمل به ، من قولهم : درس القوم المكان أى أبلوا أثره ، ودرست المرأة كناية عن حاضت ودرس البعير : صار فيه أثر الجرب.
* * *
والدّرك : اسم فى مقابلة الدّرج بمعنى : أنّ الدّرج مراتب اعتبارا بالصّعود ، والدّرك مراتب اعتبارا بالهبوط. ولهذا عبّروا عن منازل الجنّة بالدّرجات ، وعن منازل جهنّم بالدّركات. وكذلك بتصوّر (٤) الحدور فى النّار سمّيت هاوية. والدّرك أقصى قعر البحر (٥). ويقال للحبل الّذى (يوصل به حبل آخر (٦) ليدرك الماء : درك ، ولما يلحق الإنسان من تبعة : درك كالّذى فى البيع. قال تعالى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى)(٧). وأدرك :
__________________
(١) الآية ١٠٥ سورة الانعام.
(٢) عبارة الراغب : «وقرئ (دارست) أى جاريت أهل الكتاب» فجعل هذا المعنى للقراءة الاخرى.
(٣) الآية ١٦٩ سورة الاعراف.
(٤) فى الراغب : «لتصور».
(٥) فى القاموس : «الشىء» وفى الشرح : «زاد فى التهذيب : كالبحر ونحوه».
(٦) ظاهر هذا أن الدرك الحبل الكبير الذى يوصل به حبل آخر. وعبارة القاموس : «حبل يوثق فى طرف الحبل الكبير ليكون هو الذى يلى الماء» وصحة العبارة هنا أن يقال : يوصل بحبل آخر. وقد تبع عبارة الراغب.
(٧) الآية ٧٧ سورة طه والمعروف أن الدرك فى الآية الادراك واللحاق لا التبعة.