وجميع ما تقدّم من الكلام على الرّوح إنما هو تفصيل من حيث اللفظ.
وأمّا أقسام الرّوح من حيث العلم فالرّوح فى الأصل ثلاثة أنواع : حيوانى ، وطبيعىّ ، ونفسانى. فمركز الرّوح الحيوانى القلب ، ومركز الرّوح الطّبيعى الدم ، ومحلّ الرّوح النفسانى الدماغ.
فالرّوح الحيوانى يصل إلى جميع الأعضاء بواسطة العروق الضّوارب الّتى تسمّى الشرايين.
والرّوح الطبيعى يصل إلى أطراف البدن بواسطة الأوردة.
والرّوح النّفسانى ينتشر من القرن إلى القدم بواسطة / الأعصاب.
وثمرة الرّوح الحيوانىّ الحياة والرّاحة ، وثمرة الرّوح الطبيعى القوّة والقدرة ، وثمرة الرّوح النفسانى الحسّ والحركة.
وأمّا حقيقة الرّوح فهى لطيفة ربّانيّة ، وعنصر من عناصر العالم العلوىّ تتصل بمدد ربّانىّ إلى العالم السّفلىّ. وعلى حسب درجة الحيوانات وتفاوت الحالات التى لهم تتّصل بهم. ولما كان الإنسان فى الصّورة والصّفة والمعنى أكمل من جميع الحيوانات كان المتّصل به من ذلك أفضل الأرواح. وليس لأحد من العالمين وقوف على سرّ تلك اللّطيفة وحقيقته (١) ، والله سبحانه المنفرد بعلم ذلك. والحكمة فيه ـ إن شاء الله تعالى ـ أن يتأمّل الإنسان ويسلّط قوّة فهمه وفكره ، ويتحقّق أنّ الرّوح الّذى جعل الله
__________________
(١) كذا فى الأصلين. والمناسب : حقيقتها