٩ ـ بصيرة فى الذوق
ذاقه ذوقا وذواقا ومذاقا : اختبر طعمه. وأصله فيما يقلّ تناوله دون ما يكثر ؛ فإن ما يكثر من ذلك يقال له الأكل. واختير فى القرآن لفظ الذّوق للعذاب لأنّ ذلك وإن كان فى التعارف للقليل فهو مستصلح للكثير ، فخصّه بالذّكر ليعلم (١) الأمرين. وكثر استعماله فى العذاب ، وقد جاء فى الرّحمة نحو : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا)(٢). ويعبر به عن الاختبار ، يقال : أذقته كذا فذاق ، ويقال : فلان ذاق كذا وأنا أكلته ، أى خبرته أكثر ممّا خبره.
وقوله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ)(٣) فاستعمال الذّوق مع اللّباس من أجل / أنه أريد به التجربة والاختبار ، أى جعلها بحيث تمارس الجوع ، وقيل : إنّ ذلك على تقدير كلامين كأنّه قيل أذاقها الجوع والخوف وألبسها لباسهما. وقوله تعالى : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً)(٤) استعمل فى الرّحمة الإذاقة وفى مقابلتها الإصابة فى قوله (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ)(٥) تنبيها على أنّ الإنسان بأدنى ما يعطى من النعمة يبطر ويأشر.
__________________
(١) فى الراغب : «ليعم».
(٢) الآية ٥٠ سورة فصلت.
(٣) الآية ١١٢ سورة النحل
(٤) الآية ٩ سورة هود
(٥) الآية ٧٨ سورة النساء ، وورد فى آيات أخرى