٩ ـ بصيرة فى الرجاء (١)
رجا البئر والسّماء وغيرهما : جانبهما. والجمع / أرجاء.
والرجاء : الاستبشار بوجود فضل الربّ تعالى ، والارتياح لمطالعة كرمه ، وقيل : هو الثّقة بوجود الربّ. وقيل : الرّجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرّة. وهو من أجلّ منازل السّالكين وأعلاها وأشرفها ، وقد مدح الله تعالى أهله وأثنى عليهم فقال : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)(٢). وأخبر تعالى عن خواصّ عباده الذين كان المشركون يزعمون أنهم يتقربون بهم إلى الله أنهم كانوا راجين له خائفين منه فقال : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً)(٣) ، وفى الحديث الصّحيح فيما يروى عن ربّه تعالى : «ابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان منك ولا أبالى».
فالرّجاء عبوديّة وتعلق بالله من حيث اسمه البرّ المحسن. فذلك التعبد
__________________
(١) تقدم شىء من هذه البصيرة فى سابقتها ، كما لا يخفى. وكان الأولى به الا يذكر شيئا مما هنا فى البصيرة السابقة.
(٢) الآية ٢١ سورة الأحزاب.
(٣) الآيتان ٥٦ ، ٥٧ سورة الاسراء.