١١ ـ بصيرة فى الرحمة والرحمن والرحيم
الرّحمة : رقّة تقتضى الإحسان للمرحوم. وقد تستعمل تارة فى الرقّة المجرّدة ، وتارة فى الإحسان المجرّد عن الرقّة ، نحو : رحم الله فلانا. وإذا وصف به البارئ تعالى فليس يراد به إلّا الإحسان المجرّد دون الرّقة. وعلى هذا روى أنّ الرحمة من الله إنعام وإفضال ، ومن الآدميّين. رقّة وتعطّف.
وقوله صلّى الله [عليه وسلم] مخبرا عن ربّه ـ سبحانه : «لمّا خلق الرّحم قال تعالى : أنا الرحمن (١) وأنت الرّحم ، شققت اسمك من اسمى ، فمن وصلك وصلته ، ومن قطعك قطعته» ويروى بتتّه. وذلك إشارة إلى ما تقدم ، وهو أنّ الرّحمة منطوية على معنيين : الرقة والإحسان ، فركّب (٢) تعالى فى طباع النّاس الرّقّة ، وتفرّد بالإحسان.
ولا يطلق الرّحمن إلّا على الله تعالى لا مطلقا ولا مضافا ، وقولهم : رحمان اليمامة لمسيلمة الكذّاب فباب من تعنّتهم فى كفرهم. ولا يصحّ الرّحمن إلّا له تعالى ؛ إذ هو الّذى وسع كلّ شىء رحمة وعلما. والرّحيم يستعمل فى غيره ، وهو الّذى كثرت رحمته. وقيل : الرّحمن عامّ والرّحيم خاصّ ، فالرحمن العاطف بالرّزق للمؤمنين والكافرين ، والرّحيم
__________________
(١) فى كشف الخفاء والالباس : «انا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمى ..» رواه الامام أحمد والبخارى فى الأدب المفرد.
(٢) فى التاج نقلا عن الراغب : «فركز».