فلا تكتموا الشهادة ، قال : (وَمَنْ يَكْتُمْها) ولا يشهد بها عند الحاكم (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من كتمان الشهادة وإقامتها (عَلِيمٌ) ـ ٢٨٣ ـ (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق عبيده وفى ملكه يقضى فيهم ما يريد (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) يقول إن تعلنوا بألسنتكم ما فى قلوبكم من ولاية الكفار والنصيحة أو تسروه (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من العذاب والمغفرة (قَدِيرٌ) ـ ٢٨٤ ـ فلما نزلت هذه الآية قال المسلمون : يا رسول الله ، إنا نحدث أنفسنا بالشرك والمعصية ، أفيحاسبنا الله بها ولا نعملها؟ فأنزل الله ـ عزوجل ـ فى قولهم فى التقديم (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) يقول لا يكلفها من العمل إلا ما أطاقت (لَها ما كَسَبَتْ) من الخير [٤٩ أ] وما عملته وتكلمت به (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من الإثم. فنسخت هذه الآية قوله ـ سبحانه ـ : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (١) قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند ذلك : إن الله ـ عزوجل ـ تجاوز عن أمتى ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوه أو يتكلموا به. قوله ـ سبحانه ـ : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) يقول صدق محمد بما أنزل إليه من ربه من القرآن ، ثم قال : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) يقول كل صدق بالله بأنه واحد لا شريك له (وَ) صدق ب (مَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) يقول لا يكفر بأحد من رسله فكل هذه الرسل صدق بهم المؤمنون (لا نُفَرِّقُ) (٢) (بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) كفعل أهل الكتاب آمنوا ببعض الكتب وببعض الرسل فذلك التفريق فأما اليهود فآمنوا بموسى وبالتوراة وكفروا بالإنجيل والقرآن ، وأما النصارى فآمنوا بالتوراة والإنجيل وبعيسى ـ صلى الله
__________________
(١) فى أ : يحاسبكم الله.
(٢) فى أ : ثم لم يفرقوا.