فنظر إلى أصحابه مقتّلين عند الماء فأخذ سيفه فضرب به حتى قتل ـ رحمهالله ـ. ورجع الثلاثة إلى المدينة فأتوها حين أمسوا فلقوا رجلين من بنى سليم وهما خارجان من المدينة فقالوا لهما : من أنتما؟ قالا : نحن من بنى عامر. فقالوا : أنتما ممن قتل إخواننا فأقبلوا عليهما فقتلوهما. ثم دخلوا إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخبروه الخبر فوجدوا الخبر قد سبق إليه فقالوا : يا رسول الله غشينا المدينة ممسين فوجدنا رجلين من بنى عامر فقتلناهما وهذا سلبهما (١). فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : بئس ما صنعتما فإنهما كانا من بنى سليم. قال : وكان بين بنى سليم وبين النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ موادعة وعهد فنزلت ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) يقول (٢) لا تعجلوا بأمر ولا بفعل حتى يأمركم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (وَاتَّقُوا اللهَ) ولا تخالفوا على نبيكم ـ (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لما تقولون (عَلِيمٌ) (٣) بما تفعلون. وجاء أهل السليميين فقالوا : يا محمد ، إن صاحبينا أتياك فقتلا عندك. فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن صاحبيكما اعتزيا إلى عدونا حتى قتلا ولكنا سنعقل صاحبيكم ، فانطلق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى أهل عهده فبدأ ببني النضير [٩٥ أ] فقال : أنتم جيراننا وحلفاؤنا والأيام دول وقد رأيتم الذي أصابنا فاتخذوا عندنا يدا نجزكم بها غدا إن شاء الله. فقالوا : مرحبا بك وأهلا ، إخواننا بنو قريظة لا نحب أن نسبقهم بأمر ولكن ائتنا يوم كذا وكذا وقد جمعنا لك الذي تريد أن نعطيك. فرجع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من عندهم فأرسلوا إلى بنى قريظة أن محمدا مغرور (٤)
__________________
(١) أورد السيوطي فى لباب النقول ما ذكره مقاتل ، انظر : ٨٦ ـ ٨٧.
(٢) فى أ : يقولوا.
(٣) سورة الحجرات الآية الأولى.
(٤) فى أ : معذور ، ل : مغرور.